فتاةُ النخيلِ ترسمُ مستقبلَها بخيوطِ الشّمس

مقالات

فتاةُ النخيلِ ترسمُ مستقبلَها بخيوطِ الشّمس

فتاةُ النخيلِ ترسمُ مستقبلَها بخيوطِ الشّمس

أنا فتاةٌ طموحةٌ ،ولدتُ في مدينةٍ سمراءَ، ضفائرُها بلونِ النّخيل ،  وتغفو كلّ مساءٍ على صوتِ نهرِ الفراتِ المتدفقِ منذ الأزل وحتى الأبد  ، وكأنّه هبةٌ من السّماء لهذه المدينةِ الوادعة

أنا (نايا جاويش ) ابنةُ مدينةِ (دير الزور) وأفتخرُ بانتمائي للوطنِ الأكبر (سورية ) والتي منحَت التاريخَ رونقَه وحضارتِه، فهي مهدُ الدياناتِ السّماويةِ وبلدِ الأبجديةِ الأول

ولكنّ الحربَ الملعونةَ كانت قدراً لهذه البلادِ ، فنزلَ فيها البلاءُ وانتشرَت رائحةُ الموتِ، وقرّرنا الهجرةَ مع الملايين إلى بلادٍ أكثر أماناً واستقراراً وتضمنُ مستقبلاً دراسيّاً أفضل لي ولأخوتي

وفعلاً، قادتنا الأقدارُ إلى (تركيا )هذا البلدِ الجميلِ الآمنِ، وتابعتُ فيها تحصيلي الدراسي حتى وصلتُ للجامعة

وقد كنت سعيدةً جداً واخترت دراسةَ (الاقتصاد السياسي) في مدينة زونغلداك الساحلية..  

في بدايةِ دراستي الجامعية كنت فرحةً جداً بالمرحلةِ الدراسية المختلفة والرفاق الجدد وورائحة البحر

ولكن ومع الأيام وقعتُ في مشكلةٍ كبيرة ، فالموادُ الدراسيةُ كثيرةٌ ، وكتبُ الاقتصادِ مرعبةٌ ومستحيلةُ الفهم، وخصوصاً بالنسبة لطالبةٍ مثلي درست سنواتها الأولى باللغةِ العربية ،

أهملتُ دراستي مع ازدياد ضغطِ المنهاج والدروس، وزادَ كرهي للجامعة بسبب ظهور نتائجِ الامتحانِ الفصلي الأولِ، ولم تكن جيدةً

وهنا قررتُ ألا أكملَ الدراسة وأتركَ الجامعةَ بلا عودةٍ ..

ولكن .. للحظة ، مرَّتْ صورةُ والدي أمام ناظري وتذكرت تعبَه وجهدَه ، وأملَه في نجاحِنا ليكونَ تعويضاً له عن كلّ التعب

لذلك اتخذتُ أعظمَ قرارٍ في حياتي وقررتُ متابعةَ الدراسةَ ووضعَ خطّةٍ وبرنامجاً للدّراسة

 وكان أولُها إغلاقَ كل حساباتي على منصاتِ التواصلِ الاجتماعي لما فيها من إضاعةِ الوقت وتشتتِ التفكير،

والتحقتُ بدورةٍ افتراضيةٍ للغةِ التركية على برنامجِ الزوم

كما خصصْتُ لكل مادة يوماً كاملاً في الأسبوع ، أقضيه في مراجعةِ الدروس وحلِّ المسائلِ والتمارين ، بالإضافة إلى الاستماعِ لدروسٍ تعززُ المنهاج من اليوتيوب

وفعلاً نجحتُ إلى حدّ كبير في تجاوزِ الخوف من هذا التخصص وتحوّلَتْ االامبالاةُ عندي إلى رغبةٍ كبيرةٍ في قهرِ المستحيلِ والنجاحِ

والحمدُ لله تجاوزت كل ذلك ،

صحيحٌ أنها كانت أياماً ثقالاً لكنها مرّت بسلام وذلك بالإرادةِ والتّصميمِ والجهدِ والتعب.

بقلم:

شارك هذا الموضوع:

Facebook
Twitter

أقرأ أيضاً

حكاية شاب سوري

مقالات حكاية شاب سوري حكاية شاب سوري ولدت في بلدة صغيرة تقع في قلب سوريا، الأصل من محافظة إدلب، لكني …

رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ..

مقالات رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ.. رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ.. السلامُ على بُناةِ هذه الأمّة.. يا مَن تغربوا وكافحوا وما استسلموا …

الخيرة في ما اختاره الله

مقالات الخيرة في ما اختاره الله الخيرة في ما اختاره الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في عام 2018 درست …

دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي

مقالات دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي في يوم من الأيام، كان …

أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها

مقالات أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على …

 تقنية الطماطم

مقالات تقنية الطماطم  تقنية الطماطم… استراتيجية قد يجهلها الطلاب الجامعيون يعد تنظيم الوقت أو التركيز في حفظ المنهاج الدراسي من …

1 فكرة عن “فتاةُ النخيلِ ترسمُ مستقبلَها بخيوطِ الشّمس”

  1. كل التوفيق.. بالتأكيد بالعزيمة والاصرار يتحقق كل مانراه مستحيلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *