حكاية شاب سوري

مقالات

حكاية شاب سوري

حكاية شاب سوري

ولدت في بلدة صغيرة تقع في قلب سوريا، الأصل من محافظة إدلب، لكني نشأت في محافظة حلب وعشت جزءًا من حياتي في العاصمة دمشق. أسرتي كانت جزءًا من المجتمع الذي شهد صراعات مع المنظومة الديكتاتورية، وهو الصراع الذي كان يشكل تهديدًا لحياة كل فرد منها.

بدأت المواجهات عندما كنت في المدرسة في الصف الأول عندما كنت مجبراً على ترديد نشيد لم استطع أن أحبه وتمجيد شخصيات لم أكن أعلم تاريخها الإجرامي ولكن قلبي كان لا يرتاح لها وإحدى المواجهات كانت مع معلمة غريبة عن المنطقة التي أدرس فيها عندما لم أضع الهوية الطلائعية التي كانت عبارة عن تنسيب غير مباشر إلى حزب سياسي لطالب في المرحلة الابتدائية.

عند بداية الوعي عام2011 زفي حي دمشقي بجانب خالي وأحد أصدقائه في الجامعة

كنت لا اقدر على التحدث فيما أفكر حينها ، وعند بدأ شرارة الثورة قد جلست في إحدى الليالي بجانب خالي وصديقه في بيت جدي وبدأت اتشجع للخوض في غمار الأفكار واقولها أمامهم

حينها قد قالوا لي جملة لم أستطع تخطيها أو نسيانها ( مافائدة العقل إن كان الواقع يجبرك على عدم التفكير)

لم أعد قادر على الثبات ، فكرة هنا وأخرى هناك

هل حقاً نحن نصنف “مواطنين” ؟

وبدأت رحلة وضع النقاط على الحروف …

 

تشكل لدي خوف من المستقبل عندما بدأت رحلة النزوح واللجوء وكانت الأفكار تداهمني بشكل مستمر

هل حقاً ستذهب كل أحلامي وطموحاتي هباء ؟

ماذا عن البلد التي كنت أحلم بأن اجول كل محافظة ومدينة وقرية وأن اتعرف على أهل كل بقعة في ذاك البلد ؟

هل سأكمل حياتي رهن النزوح واللجوء دون المقاومة للواقع ؟

 بدأت الخوض في محظورات الماضي وبدأ يتوسع النطاق الفكري لي

كل شيء كان عكس التيار إلا النضوج الفكري حول الدولة والشعب ، حول رجال الجمهورية الذين كان لهم الدور الأكبر في استقلالنا، بدوا لي كأنهم مبادىء لا يمكن تجزأتها،  بدأت الخوض في النقاشات السياسية وبدأت في التحشيد والمناصرة ضمن اي بقعة اتواجد بها ، حتى في مخيم اللاجئين الذي انتقلت إليه .

ولكن، لا يمكن أن يموت الأمل لأنه حق والحق لا يموت

لي حق في التعلم وإكمال مسيرة الأحلام التي كنت ارسمها في مخيلتي

نعم قد كانت مشيئة الله أن اتعرف على أشخاص من كل بقاع الوطن سورية

أصبح لدي أصدقاء من كل قرية ومدينة في سورية

وانتقلت للعمل من أجل التحضير إلى المرحلة الثانوية دخلت البكالوريا ضمن قسم التعليم المفتوح بسبب تقدمي في السن كنت اصطحب كتبي إلى معمل الموبيليا الذي اعمل فيه في قيصري التركية وأدرس في استراحات “الشاي والغداء”

أكملت دراسة البكالوريا خلف ماكينات ال CNC وانتقلت إلى الجامعة.

أصبحت حكاية الأمس واقع اليوم لطالما كانت الحكاية ممزوجة بالأمل والخوف والقلق دائماً وكان الواقع عكس المراد والمتصور له وكانت السياسة مركز اهتمامي الدائم فقد كنت التمس حب أبي لها من خلال جلوسه أمام التلفاز ومتابعته للأخبار واستماعه للمحللين السياسيين والخبراء والمفكرين، وأيضاً من خلال رؤية الهيكلية السياسية والإدارية التي كنت اشاهدها سابقاً في بلادنا والتي كانت تفتقر إلى الكفاءة والخبرة والنزاهة والشفافية

إثر ذلك تشكل لدي هدف وظللت أسعى إليه وفي نهاية المطاف أصبحت طالب في التخصص الذي عشقته ، أصبحت طالب في العلوم السياسية وبدأ المشوار في العمل الطلابي والتنظيمي ،

فقد تطوعت لدى تجمع الطلاب السوريين في زونغولداك وبدأت العمل بطاقة لم تكن حاضرة لدي من قبل بسبب البيئة التي كانت ترافقني مع أبناء بلدنا وثورتنا

شباب بإمكانيات بسيطة وظروف غير ملائمة كان التجمع بمثابة وطن صغير نسعى لتطويره وحمايته ونسعى لخدمة كل منتسبيه وإفادتهم وجعلهم يشعرون بالإنتماء إلى هذا الكيان الصغير في الحروف والكبير في القلب والمعاني

“يداً بيد لبناء الغد” كان هذا الشعار حقيقة وبوصلة يعمل عليها جميع الزملاء في التجمع

صفوان , سلمى ، عبدالرحمن ، بهاء ، محمد ، أحمد ، فاطمة ، خديجة ، راغدة ، عقيل ، يوسف ، أكرم ، سلمان .

وجميع الزملاء الذين لم استطع ذكر أسمائهم

كان التجمع وطن مصغر يجمعنا رغم اختلاف آرائنا واختلاف أصولنا واهتماماتنا

والجميل في الأمر أنه قد كان هناك مشاكل تحدث داخلياً ،

ولكن هذاه المشاكل كنت أحلم لو أنها في الوطن الكبير  “سورية” أيضاً

لو أن الجميع يختلف ولكن في النهاية يكونوا متفقين على هوية جامعة وثوابت في الإنتماء كما كنا في وطننا المصغر .

في رحلة البناء المستمرة بدا لي اتحاد طلبة سوريا كرمز للأمل والتغيير، حيث كنت أرى شباب مخلصون للقضية ويسعون لتشكيل مستقبل ينبض بالحياة والحرية. وكان الإتحاد يتألق برؤية تاريخية تستند إلى التجارب الديمقراطية وقيم الشفافية والتمثيل العادل.

لم أكن أراه مجرد مجرد تجمع للطلاب، بل كنت أرى بأنه صوتهم ووجههم في الساحة الوطنية والدولية. لذا، كنت أرى بأن دفاع الطلاب عن الاتحاد والاهتمام به أمر لا مفر منه، فهو مدافع عن حقوقهم ومصالحهم ووكيلهم في بناء مستقبل يليق بطموحاتهم وأحلامهم.

أعطيته اهتمام كبير وظللت متابعاً لأخباره لفترة طويلة وبعدها قررت الترشح لرئاسة مكتب تنفيذي في الاتحاد

بعد أن أصبحت مسؤولًا في أحد المكاتب التنفيذية لاتحاد طلبة سوريا، بدأت اعمل بجدية وحماس مع زملائي في سبيل تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا لخدمة قضيتنا وثورتنا ومستقبلنا.

نحن نؤمن بشعارنا “نحو مستقبلٍ يصنعه الشباب” بكل تفاصيله ومعانيه، حيث نفهم أنه ليس مجرد شعار يكتب ويُنسى، بل هو دافع للعمل المستمر والإيمان بقدرة الشباب على التغيير والتحسين.

بالإضافة إلى ذلك، نعمل على تعزيز التواصل والتفاعل مع الطلبة وتشجيعهم على المشاركة الفعّالة في النقاشات واتخاذ القرارات، وذلك من خلال تنظيم فعاليات وورش عمل ومنتديات تعزز مهارات القيادة والتعاون وحل المشكلات.

بهذه الطريقة، نسعى جاهدين لجعل شعارنا ليس مجرد كلمات عابرة، بل يتجسد في أفعالنا اليومية وفي تحقيقنا لأهدافنا النبيلة وبناء مستقبل أفضل لشباب سوريا.

“نحو مستقبلٍ يصنعه الشباب” يجسد إيماننا الراسخ بقدرة الشباب على تغيير الواقع وبناء مستقبل أفضل.

بقلم:

شارك هذا الموضوع:

Facebook
Twitter

أقرأ أيضاً

حكاية شاب سوري

مقالات حكاية شاب سوري حكاية شاب سوري ولدت في بلدة صغيرة تقع في قلب سوريا، الأصل من محافظة إدلب، لكني …

رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ..

مقالات رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ.. رسالةٌ إلى طَلبةِ العلمِ.. السلامُ على بُناةِ هذه الأمّة.. يا مَن تغربوا وكافحوا وما استسلموا …

الخيرة في ما اختاره الله

مقالات الخيرة في ما اختاره الله الخيرة في ما اختاره الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في عام 2018 درست …

دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي

مقالات دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي دروس قيّمة من تجربة اجتماعية لطالب جامعي في يوم من الأيام، كان …

أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها

مقالات أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها أهمية الانضمام الى تجمع الطلاب وفوائدها بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على …

 تقنية الطماطم

مقالات تقنية الطماطم  تقنية الطماطم… استراتيجية قد يجهلها الطلاب الجامعيون يعد تنظيم الوقت أو التركيز في حفظ المنهاج الدراسي من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *