مأساة التعليم في سوريا 

مقالات

مأساة التعليم في سوريا

01/04/2022

شارك هذا الموضوع:

من المعروف تاريخياً أن سوريا، قبل وصول النظام السياسي الحالي إلى سدة الحكم فيها، كانت بلداً يمتلك تجربة تعليمية واعدة، وكان فيها من المقومات ما يجعلها قادرة على منافسة الكثير من الدول في مجالات التنمية المختلفة، ففي سوريا تتوافر القدرات البشرية الذكية والمناسبة لكي تؤدي دوراً متميزاً على الصعيد المجتمعي، وكان يوجد فيها قيادة وطنية مستوعبة ومدركة لما تملكه سوريا من قدرات وعقول قادرة على وضعها في مقدمة الدول التي تتنافس على توفير الطاقات البشرية اللازمة لحاجات سوق العمل العربي والدولي، إلا ان هذا الطموح لم يتحقق، وبخاصة بعد أن سيطر البعث على السلطة، وما مارسه في السنوات العشر الماضية من تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة في المجتمع السوري، والتي حولته من مجتمع للارتكاز العلمي الابداعي الى بؤرة سلبية تُضرب بمنظومته التعليمية كل الأمثلة السيئة، فضلاً عما أصاب المنظومات الأخرى من فساد وتشويه أدى إلى خراب المجتمع على المستويات كافة.
لا شك أن الحديث عن مأساة التعليم في سوريا له أبعاد كثيرة لا يستطيع مقال واحد أن يغطيها جميعاً، ولكن لابأس من الإشارة إلى بعضها، والتأكيد بداية على أنه لم يثبت في سوريا بعد أكثر من خمسين سنة من حكم السلطة القائمة أن منظومة التربية والتعليم تُمكن الشباب من المهارات التي يحتاجها سوق العمل بالمعايير المعتمدة دولياً، وما زالت مخرجات التعليم تفتقد إلى أهم الكفايات اللغوية، وتلك الخاصة بمهارات تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن عدم تمكين الشياب من كفايات التفكير المنطقي لمواجهة تيار التغيير بمنهج علمي في ميادين الحياة المختلفة.
كما لم يثبت أن فلسفة النظام التعليمي قائمة على مرجعية محددة مبنية على تصورات علمية غير تلك الفلسفة التي تفرضها السلطة وتنسجم مع نسقها السياسي، هذا النسق الذي لم ينتج للمجتمع السوري إلا الأمية والجهل، ولا أقصد هنا الأمية الأبجدية مع أن نسبتها ارتفعت في السنوات الأخيرة في المجتمع السوري، وإنما الأمية التكنولوجية والحضارية والقيمية، ولم يفرز هذا النسق السياسي إلا الفشل المدرسي بأشكاله كافة، والدفع بآلاف الخريجين إلى حيز البطالة، مما جعل منظومة التعليم برمتها معطوبة غير قادرة على ضبط مسارها، وتحسين كفاياتها.

المصدر

شارك هذا الموضوع:

أقرأ أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *