من مذكرات المريضة رقم ١٤٠


قصة خطت بريشة حمامة سقطت من جناح مكسور، ارتوت من قارورة النسيان..الحبر ممزوج بقطرات دمٍ هُجرت قسراً من الفؤاد، على صحيفة بيضاء يستوطنها ندى الدمع الثائر على مقلة العين.
جالسةٌ هنا على كرسي ذو عجلات، أناظر السماء من ثقب خيمة، أجمل طقوسي في هذه البقعة المنسية، على الضفة الأخرى من اللا حياة، كعصفور حزين رمته الريح بعيداً عن بقايا عش يحتضن عائلته ودفئها..

أيستطيع أحدكم تخمين قصتي؟!

تفيض الآن روحي وتروي لكم عن ذاك التاريخ المحفور في الوتين، في يوم هاديء من خريف سنة مشؤمة.. تسللت من المنزل إلى الحديقة لألعب بدميتي و ادندن شارة فيلمي المفضل، “مرة في حينا زارنا فيل ظريف”، على حين غرة قاطعت أصوات قصفٍ عنيفةٍ الهدوء و براءة الطفولة.. أصوات متوالية تحمل في ثناياها الدمار ورائحة البارود ومشاهد الموت مُشكلةً أكثر لوحات هذا الكون تعاسة و حزن وتشتت… ما كان مني إلا أن اهرول مسرعة نحو بيتنا ولكن الخوف، الخوف يا رفاق يثقل خطواتي ينهش توازني، خوف استقر في منتصف الفؤاد، تناثرت اثره أركان الطمأنينة بداخلي..سقطت دميتي دون اكتراث مني. رائحة الموت تعج في حينا، تتعالى صرخاتي أين أنا؟! ماذا حدث أين أمي أين أبي ؟! ، كيف اجدهم ما كل هذا الركام؟! لايوجد غير الدم والأشلاء…
لا أتذكر شيء سوى إفاقتي في مشفى بائس، “الممرضة مخاطبة الطبيب : لقد افاقت المريضة ١٤٠ التى قمنا ببتر قدمها من غيبوبتها” من المريضة ١٤٠؟! عن قدم من تتحدث الممرضة؟ أين قدمي!؟
بحزن يعتصر الفؤاد ودموع منهمرة وقدم مبتورة أنا المريضة رقم ١٤٠ و لم تتوقف الخسارات على قدمي فقط بل طالت عائلتي أيضاً..
وأخذتني الريح إلى الخيمة هذه لأروي لكم بعضاً من مذكرات المريضة رقم ١٤٠ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *